مأساة إيزيدية تركيا قبل قرن في مذكرات (ميرازي)
إعداد وترجمة: الباحث/ داود مراد ختاري
الحلقة (17)
- أكتب يا بني، لقد سلمت أربع عرائض للقائمقام، ولم أحصل منه على أي جواب.
قلت لها:
- يا عمة أمي، عثمان أبن الكوفي أوسب أيضا أخذوه إلى العسكرية، لكن الكوفي أوسب قدم عريضة للقائمقام وخلص أبنه حسب القانون إبراهيم أيضا يجب أن يذهب إلى العسكرية.
- يا بني، القانون هذا فقط للأثرياء، من يسأل عن حال الفقراء اليوم، الفقراء هم خدم، والكل قادر عليهم. إذا كان ذهب صوفي أو روس بيدي، لكنت خلصت إبراهيمي منذ القدم، والفقراء كانوا موجودين قديما أيضا.
فكرت بأن العمة أنهت شكاويها، لكنها بدأت بالقول:
- أحمد، أرجوك، أكتب له أن يهتم بنفسه، أن لا يعرض نفسه للبرد، وقد قلت له في الرسالة الماضية من قلة فهمي، بأن السرداب ينقط من سقفه الماء. قل له بأنني أتيت بابن أحمد القادي، وهو يعرفه تماما، وقل له بأنه قام بتغطية السرداب بالتراب، ودار عليه، والآن حتى لو قامت الفيضانات أيضا فلن ينقط الماء من سقفنا، أنا أعرف بأن هذه المسألة تقلق أبني إبراهيم إلى الآن.
لقد كتبت رسالتها، وودعت العمة، وهي أيضا قالت:
- ربنا يحفظك لأمك، صحيح بأنك قريب منها، لكنها الأم، وهي الآن تفكر ألا يصيبك مكروه.
عند اقتراب الأمتحان، كان هناك شهر الراحة، يعني ننقطع عن الدروس خلال شهر، كنا نحفظ الدروس خلالها. فقط الامتحان يقتصر على مادة الرياضيات والقراءة، الهيئة الامتحانية كانت مؤلفة من خمسة - ستة أشخاص، كانوا يجلسون وأمامهم الكتب، يدعون الطالب إلى الدخول، كان الطالب يجلس على الركب، وحسبما يرونه مناسبا يسألونه من الكتب الموجودة أمامهم، كان المطلوب ترديد ما هو موجود في الكتاب، وبدون أخطاء، وان أجبت على أسألتهم فذلك يعني النجاح في الأمتحان، والذي لا يجيب على المطلوب فهو باقي في مكانه. - كانوا يصنعون ثلاثة- أربعة أنواع من الشراب، يضعونها في زاوية من زوايا المدرسة، ويقف شخص على حراستها. كانوا يعطوننا قدح واحد ويسألوننا (أي نوع من الشراب تريده؟).
حجرة الفقهاء ايضا كانت بجانب مدرستنا.
وقت الامتحان كان الفقهاء يأتون عندنا، ويذهب الطلاب إليهم أيضا. الفقهاء كانوا يكتبون الحجاب والطلاسم، كانوا يضعونها تحت القبعات (في بلاد الترك لا يوجد من يرفع قبعته) وكانوا يقولون: "هذا الطلسم سوف يربط أفواه الهيئة، ولذلك سوف تجيبون بشكل جيد في الامتحان". لكننا لم نكن نستفد منها شيئا، والذي كان يستمع إلى المدرس منذ الخريف وأعد نفسه بصورة جيدة، كان ينجح في الامتحان، والذي لم يكن تؤثر فيه لا نصائح المدرسين والفلقة لم يكن يستطيع الخروج بالنجاح في الامتحان وكان تعسا وكئيبا ينظر إلى الآخرين خافضاً رأسه بينهم.
بصدد الفقهاء أريد أن أحدثكم عنهم قليلا، كي تتعرفوا عليهم بصورة أفضل. في ناحية (ديادين) كانت مدرستنا الوحيدة وكذلك حجرة الفقهاء وحيدة فيها. مدرستنا مبنية من ثلاثة غرف، ولكن حجرتهم غرفة ومرفق. ثمانية عشر شخصا كان يدرسون في تلك الغرفة وينامون فيها.
المنتمون إلى مدرستنا كانوا كلهم من ناحية (ديادين) فقط أثنين من العجم القادمين من (كولسورا تاشليجاي)، لأنه لم يكن لديهم مدرسة في ناحيتهم، اسم أحدهم حسن والآخر اسمه داود، لكن الفقهاء كانوا قادمين من العديد من البلدات والنواحي، فحجر الفقهاء كانت قليلة جدا وغير متوفرة تماما.
تلك الحجرة كان أهل الناحية قد بنوها طوعا من أنفسهم، غذاء الفقهاء ووقودهم للشتاء، كان يجمع من الأهالي وكل مرة على دار بالتناوب وبانتظام، ويوميا كان نصف من الفقهاء يذهبون إلى المدينة لجمع الغذاء، كل واحد منهم يحمل عصا طويلة في يده، وجماعة (ديادين) كانوا يعرفون دورهم جيدا، وكانوا يقولون "اليوم راتب الفقهاء علينا". يحضرون الطعام، وروث الحيوانات لهم[1].
كان أحد الفقهاء يدعى فقي مخسو، طويل وبارز، ملابسه نظيفة، كان قد جاء منذ مدة من بلدة حسن، وهو مغني أيضا.
(1) في تلك الأماكن كان الروث يستعمل وقودا، لم يكن هناك حطب يستطاع جمعه، والفقهاء كانوا يأتون ويأخذون هذا الروث.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire